المحسنةُ الكتُوم                                                     

                                  (قصّة كتبها المؤلّف لتلاميذه في الصفّ الخامس الابتدائيّ)  

   في بيروت، مستشفيات ومياتمُ خيريّة تأوي كثيرين من الأولادِ الفقراء والأيتام؛ وأكثر النفقات اللازمة يتبرّع بها أهل الخير الذين لولاهم لما استطاعت هذه المؤسّسات الإنسانيّة أن تعيش طويلًا، وتقوم بأودِ هؤلاء المساكين، فتطعمهم وتسقيهم وتكسوهم وتُعنى بتربيتهم.

  في ذات يوم، بينما أحد رؤساء إحدى هذه المؤسسات جالس في مكتبه، إذ بالخادم يقرع الباب ويمثل أمام رئيسه قائلًا: "بالباب سيّدة توَدّ مقابلتك يا سيّدي"، فأذن لها بالدخول، ولمّا دنت من الرئيس حيَّته وقالت: "بلغني أنّك من أهل الأمانة والإحسان، وأنّك تُشرف على بناء أحد المستشفيات الخيريّة، وتضحّي في سبيل أبناء بلادي المحتاجين، وإنّي أريد مشاركتك في عمل البرّ، فإليك منّي هذا المقدار من المال تضمّه إلى صندوق التبرّعات". ووضعت أمامه صرّة وبادرت إلى الرجوع؛ فسألها الرئيس عن اسمها فلم تُجبه، ولم تلتفت إليه؛ وألحق بها الخادم ليتعرّف إليها ولكن لم يُجْدِهِ ذلك نفعًا، فرجع إلى عمله وجلس وفكّ الصرّة فوجد فيها مائة ليرة ذهبيّةٍ، فتهلّل وجهه فرحًا، وبارك تلك السيّدة المحسنة، التي لم تدلّ هيأتها على الغنى، وقال في نفسه: الآن آمنت أنّ عملنا الخيريّ ناجح لا محالة: جزاك الله خيرًا أيّتها المتصدّقة الشريفة.

 ولا يزال ذلك الرئيس يذكر تلك المحسنة بالخير، ويجتهد في معرفتها ولكن دون جدوى.

                                              يوسف س. نويهض